الأرض
الثلاثاء 29 يوليو 2025 مـ 11:22 مـ 3 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

عميد زراعة القاهرة: الأزهر يصدر المعرفة الزراعية إلى 108 دولة

قال الدكتور جمال عبد ربه عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر بالقاهرة، إنه منذ أن تحوّل الأزهر الشريف من جامع إلى جامعة عام 1961 بقرار تاريخي من الزعيم جمال عبد الناصر، بدأت رحلة تطوير علمية شاملة هدفت إلى تخريج أجيال تحمل العلم والدين معًا، وكان من بين أبرز ثمار هذا التحوّل إنشاء كلية الزراعة، التي انطلقت على مساحة 25 فدانًا بالعاصمة المصرية القاهرة، لتصبح صرحًا علميًا يُمكّن الطالب الأزهري من المساهمة في نهضة الزراعة المصرية والعالمية، دون أن يتخلى عن خلفيته الإسلامية الراسخة.

15 قسمًا وتفوق في التقنية الحيوية

وأوضح، تضم كلية الزراعة بجامعة الأزهر 15 قسمًا متخصصًا، من بينها قسم التقنية الحيوية (البيوتكنولوجي)، الذي كانت الكلية سبّاقة في إنشائه قبل أكثر من 20 عامًا، كأول قسم من نوعه على مستوى كليات الزراعة في مصر. وتستمر الكلية في ريادتها من خلال قسم البيئة والزراعة الحيوية، الذي أصبح مرجعًا علميًا تعتمد عليه وزارة البيئة في مشروعاتها البحثية.

كما استحدثت الكلية قسم الإنتاج السمكي، وتضع نصب أعينها أن يتحوّل هذا القسم إلى نواة لمشروع وطني كبير في تنمية الثروة السمكية خلال السنوات القادمة.

رسالة تعليمية وبحثية متكاملة

وأشار الدكتور جمال عبد ربه، كلية الزراعة بالأزهر لا تكتفي بتخريج كوادر علمية متمكنة، بل تسعى لصناعة نموذج للطالب الذي يجمع بين التخصص العلمي والانضباط الأخلاقي والمعرفة الإسلامية. فإن الكلية تعمل على تعزيز فرص خريجيها في سوق العمل من خلال بروتوكولات تعاون مع القطاع الخاص، تتيح للطلاب تدريبات عملية وميدانية ترفع من كفاءتهم المهنية.

وقال، في مجال البحث العلمي، تقدم الكلية برامج دراسات عليا متقدمة في جميع الأقسام، تخرج عنها مشروعات قابلة للتطبيق العملي، يتم تنفيذ بعضها بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي، ما يجعل البحث العلمي في الكلية ليس رفاهية أكاديمية بل ركيزة لتطوير القطاع الزراعي.

دور مجتمعي فاعل داخل وخارج مصر

وتابع الدكتور جمال عبد ربه، لا تقتصر جهود الكلية على القاعات الدراسية والمعامل، بل تمتد إلى عمق المجتمع، إذ تشارك بانتظام في القوافل التنموية والطبية التي تنظمها جامعة الأزهر إلى المناطق الأشد احتياجًا في مختلف محافظات مصر. وتشمل هذه القوافل تخصصات طبية، زراعية، بيطرية، وبيئية، إلى جانب العيادة الزراعية المتنقلة، وشركات الأسمدة والمبيدات والمشاتل.

ولم تكتف الكلية بالعمل المحلي، بل امتد نشاطها الإرشادي والإنساني إلى الخارج، من خلال قوافل علمية وخدمية إلى دول مثل تشاد، البوسنة والهرسك، وغرب إفريقيا، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.

وحدات إنتاجية تخدم التعليم وتدعم السوق

وأوضح في إطار تطوير المنظومة التعليمية، تمتلك الكلية مزرعة متكاملة بمدينة السادات على مساحة 60 فدانًا، تُزرع بمحاصيل بستانية كالرمان والعنب التصديري، إلى جانب محاصيل حقلية وصوب زراعية. كما أنشأت الكلية مخبزًا بالتعاون مع القوات المسلحة، ومن المقرر افتتاحه قريبًا.

أما في الإنتاج الحيواني، فكانت الكلية تمتلك مزرعة على مساحة 150 فدانًا بمنطقة مسطرد، تضم وحدات لإنتاج الألبان، لكنها أُزيلت للمنفعة العامة بقرار من الدولة، ومع ذلك، لا تزال الكلية تحتفظ بـ10 رؤوس جاموس، وتم الوعد بتخصيص أرض بديلة قريبًا.

البيئة والمناخ.. ملفات في صدارة الأولويات

وأكد تلعب الكلية دورًا محوريًا في دعم جهود الدولة لمواجهة التغيرات المناخية، إذ تضم قسم الزراعة الحيوية والبيئة، الذي يسهم في تقديم حلول علمية للتحديات البيئية. وكانت جامعة الأزهر أول مؤسسة تعليمية في مصر تنظم مؤتمرًا علميًا موسعًا حول التغيرات المناخية، في خطوة استباقية للتحضير لمؤتمر المناخ العالمي في شرم الشيخ.

كما نظّمت الكلية ملتقيات بيئية كبرى، من أبرزها ملتقى "مناخ أفريقيا في القلب"، الذي ناقش تداعيات التغير المناخي على القارة السمراء، وسبل التعاون لمواجهتها.

قوة ناعمة من 108 دولة

بما يزيد عن 30 ألف طالب وافد من 108 دول، تتمتع كليات جامعة الأزهر وعلى رأسها الزراعة، بثقل دولي يعكس مكانة مصر التعليمية والدينية. ويؤكد عبد ربه أن العديد من خريجي الأزهر تقلدوا مناصب عليا في بلدانهم، ما يجعل من هؤلاء الطلاب سفراء لمصر وثقافتها.

الزراعة بين التحديات والمشروعات القومية

يشدد عميد الكلية على أن تعزيز سلاسل القيمة الزراعية، من الزراعة إلى التصنيع والتصدير، هو الحل المستدام لأزمة الزراعة في مصر، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها ندرة المياه وتآكل الرقعة الزراعية.

وقد أطلقت الدولة مشروعات قومية ضخمة، مثل مشروع "الدلتا الجديدة" الذي بدأ بـ1.3 مليون فدان دخلت حيز الإنتاج، من إجمالي مستهدف يبلغ 2.2 مليون فدان. وكذلك مشروع "توشكى"، الذي أعيد إحياؤه مؤخرًا، ويستهدف استصلاح مليون فدان باستخدام معدات هيئة قناة السويس.

التصنيع الزراعي والاكتفاء الذاتي

تتجه الدولة حاليًا نحو التصنيع الزراعي، بدلاً من تصدير المواد الخام. ويوضح عبد ربه أن تصدير القطن لم يعد هدفًا، بل تتم معالجته لإنتاج الزيوت والغزل والعلف، بما يحقق قيمة مضافة أكبر. وقد بلغت الصادرات الزراعية 6.1 مليار دولار في عام 2023، مع هدف استراتيجي لبلوغ 15 مليار دولار قريبًا.

وفي دعم صغار المزارعين، أطلقت الدولة مشروع "البَتلو"، بضخ 7 مليارات جنيه لتسمين العجول حتى 300 كجم، مما قلل من ذبحها المبكر، وحقق طفرة في إنتاج اللحوم.

كما ارتفع الاكتفاء الذاتي من السكر إلى 86.5%، مع خطة طموحة للوصول إلى 70% من القمح و50% من الزيوت بحلول 2030، من خلال زراعة محاصيل مثل الكانولا.

مبادرة 2.5 مليون نخلة.. الأمن الغذائي في ثوب جديد

واختتم عبد ربه حديثه بالتأكيد على أهمية مبادرة زراعة 2.5 مليون نخلة، لما تمثله من دعم فعلي للصادرات الزراعية وزيادة في التنوع الإنتاجي المطلوب عالميًا. "كل فدان جديد يُستصلح هو خطوة نحو ريف منتج، وأمن غذائي حقيقي"، كما قال.