إلى وزير الزراعة: ”لسعة” الشوربة أشرف من ”نفخة” الزبادي
لدينا كباقي الدول، صغيرة أو كبيرة، نامية أو متقدمة، وزارة مهمتها الزراعة لتأمين إنتاج الغذاء للشعب، كما أنها أداة الحكومة لتنفيذ المادة 29 من الدستور، التي تلزمها بالحفاظ على الرقعة الزراعية.
تملك الوزارة مقومات قد لا تتوافر لمثيلاتها في دول كبرى، مثل: أكثر من 130 محطة ميكنة زراعية، وجهاز لتحسين الأراضي يكفي لتحسين صفات أراضي القارة، إذا حسن استثمار آلياته الفنية (بشرية وميكانيكية)، وقطاع استصلاح يملك ما لا يملكه جهاز تعمير المدن الجديدة.
كما تملك وزارة الزراعة المصرية 6 شركات تعرضت لنوبات "إهلاك" و"تخريد" منذ عشرات السنين، ولاتزال بعواجيزها من الإداريين والفنيين، والمعدات تستطيع أن تزلزل الصخر فيثمر "البطيخ"، شرط توافر الإرادة.
ولكي تتحرك عجلات ماكينة الزراعة المصرية في الاتجاه الصحيح، يجب على من يتم تكليفه بملفها أن يعي دوره، كرسول من الله يتلو صحفًا "ملغّمة"، فيستعين بالله على خوض غمار المعركة بالـ "أفرول"، تأسيا بالدكتور يوسف والي الذي أمضى 22 عاما وزيرا بالـ "جينز"، فتمكن من زراعة نحو 2.5 مليون فدان صحراوي، وكانت مكافأته أن نجاه منجاه الله من مكائد التشويه والوأد عمدا.
* أولويات وزير الزراعة، يجب أن تكون سريعة تظهر "بركات عملية" نوجز بعضها في الآتي:
- حالة طوارئ قصوى لإعادة صيانة أراضي الدلتا التي مُنيت بمنحة "الصرف المغطى"، (الكندية والأمريكية)، خلال النصف الثاني من عقد الثمانينيات، وذلك برجال الوزارة ومعداتها في قطاعاتها وهيئاتها، وفِي ذلك رفع الإنتاجية الرأسية بما يتناسب مع تطور البحث العلمي الزراعي الذي تشهده مصر حاليا.
- البدء الفوري في إنجاز خريطة خصوبة الأراضي المصرية، دون انتظار ميزانية "التخطيط" أو "المالية"، فجنود كتيبة هيئة مشروعات التعمير، وموظفي محطات الميكنة، وكتيبة الباحثين الشباب في معاهد مركز البحوث والمحطات البحثية، سيكونوا سعداء بالتجنيد الإجباري للمساهمة في معركة تحرير أراضي الوادي والدلتا من أمراض نقص الأوكسجين، لإنعاش الجيوش البيولوجية الطبيعية التي أهلكها "تطبيل" التربة بمياه الري السطحي، والتلبك البطني الذي أصابها بسبب الإسراف في استخدام الأسمدة الفوسفاتية، وانعدام الصرف.
- البحث عن الأموال التي دفعها الفلاح منذ نهاية الثمانينيّات، ولايزال يدفعها سنويا حتى الآن بغرامات تأخير، باسم "الصرف المغطى"، وليطرح على البرلمان مشروع بقانون لإعادة البحث عن هذه الأموال، لإعادة توجيهها لهذا الغرض، الذي يفي بزيادة إنتاجية وحدة المساحة بما لا يقل عن 25%، بمعنى الحصول على إنتاجية إضافية تساوي محصول 1.5 مليون فدان جديدة، قد لا نحتاجها حاليا في الصحراء، مع تضارب المعلومات حول كمية المياه الجوفية، وظروف إتاحتها، وتكاليف استخراجها.
- مطلوب من وزير الزراعة المبادرة بشرح لرئيس الجمهورية حول إمكانية زيادة الرقعة الزراعية، دونما إضافة متر واحد أفقيا، كون الزيادة الرأسية أنجح وأقل كلفة وأكثر صونا لرصيد الأجيال المقبلة من الأرض والمياه الجوفية.
- المادة 29 من الدستور كفيلة بصون وزير الزراعة والحكومة من الوقوع في جريمة الاعتداء على الرقعة الزراعية، ليس بالتبوير والبناء فقط، وإنما بالإهمال الذي على شاكلة تصلب شرايين الري بالقمامة، في الوقت الذي يشكو وزير التنمية المحلية من وجود أموال تقدر بنحو 1.8 مليار جنيه معطلة في وزارته، كانت كفيلة بإنشاء وحدات تخليق الطاقة الكهربائية والديزل الحيوي من هذه النفايات، وفِي ذلك أيضا تمسك بالمادة 29 من الدستور التي تلزم الدولة بتنمية الريف ورفع مستوي معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية.
- آن الأوان لوزير الزراعة أن يبحث عن معوقات إعادة الدورة الزراعية، وليبادر بمشروع بقانون إلى البرلمان لإقرار إعادة الحياة الثلاثية للتربة المصرية، بما يعزز إنتاج محاصيل الأعلاف، والبقوليات، والمحاصيل الاستراتيجية بشكل متوازن، يضمن تنفيذ حلقة من حلقات المادة 29 أيضا، والمتعلقة بتنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى، وتشجيع الصناعات التي تقوم عليهما، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى.
* معلومات مؤكدة تشير إلى أن 2017 سيشهد خيبة متوالية في مجال زراعة القطن، حيث لن نصل إلى 180 ألف فدان، مقابل خيبة قوامها 130 ألف فدان فقط في 2016، على الرغم من بيع القنطار الموسم الماضي بضعف ثمنه في 2015 (نحو 3000 جنيه)، وعدم بقاء "فضلة" كما حدث في الأعوام الثلاثة السابقة.
- مصر لديها ساحلين بحريين على البحرين الأحمر والمتوسط بطول يبلغ نحو 3000 كم، وحباها الله بـ 11 بحيرة، هددها الإهمال الحكومي والمجتمعي بانعدام مواردها، كما تملك مصر سواحل مزدوجة على قناة السويس ونهر النيل، وكلها من المغريات التي عرضت مصر سابقا للغزو الاستعماري، ولدى مصر إمكانات بشرية وعلمية تعينها على استثمار كل هباتها الربانية الطبيعية، لإنتاج ثروة سمكية تهوي بأسعار الأسماك إلى أقل من سعر الطماطم والباذنجان.
- بإمكان وزير الزراعة إعادة مصر إلى تصدير الدواجن والكتاكيت وبيض التفريخ والمائدة، كسابق عهدها قبل عام 2006 الذي مُنِيت فيه بوباء أنفلوانزا الطيور، وتزعم روايات صادقة أن الوباء أُلقي في بر مصر وجوها ومائها عمدا، بهدف فرملة عجلة هذا القطاع الذي حقق طفرة إنتاجية وبحثية هددت قبل 2006 طاحونة تصدير الدواجن الأمريكية والأوروبية والبرازيلية إلى دول إفريقيا وآسيا.
- يجب على وزير الزراعة أن يبحث عن الإمكانات الذاتية المهدرة للوزارة، ومنها كل المشاريع التي تجمدت عجلاتها، وتعرضت معداتها وآلياتها للصدأ، فيعيد الحياة إلى شرايينها، وذلك بطرحها للاستثمار بمشاركة القطاع الخاص، وفيها أراض زراعية، وصناعية، وعقارية، ومنها: عزب العمال التابعة لقطاع الإنتاج، والمجمع الزراعي الصناعي في النوبارية، وأرض البحوث في "صباحية" الإسكندرية، ومزرعة السرو في دمياط، ومزارع شرق العوينات المهملة، وأراضي البحوث والحقول الإرشادية في معظم محافظات مصر.
ـ مالم يجتهد وزير الزراعة الحالي في الغوص بقدميه في الماء الساخن .. فسوف لن تنجيه ثلاجة "الخروج الآمن" من محكمة التاريخ .. فـ "لسعة الشوربة" أفضل كثيرا من "نفخة الزبادي".