الجمعة 19 أبريل 2024 مـ 04:55 مـ 10 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

إلى أي مسؤول: لماذا الاستخفاف بعقول الناس؟

حينما يبرر المسؤول خطأ بخطأ أفدح، فلا معنى لذلك غير "الاستسهال" والاستخفاف بعقول من يستفهم عن أسباب الوقوع في الأخطاء العادية.

- ومن المسلمات: أن الوزير بشر لا يوحى إليه من السماء، لكن ربما تهديه بنات أفكاره رؤى ناقصة، أو تملى عليه تعليمات من المستوى الأعلى، الذي بالطبع هو بشر مثله، يجلس في مقعد يرتفع عن مستواه في المسؤولية فقط، وبالتالي يتمتع بمنظور رؤيوي "أوسع مجالا"، وليس بالضرورة أن يكون "أكثر دقة".
- لكن حينما تصدر قرارات تتعارض تماما مع توجيهات رئيس جمهورية، وقرار رئيس مجلس وزراء، فمن الضروري أن تبلغ الحيرة منتهاها لدى المتابعين والمعنيين والمضارين من القرارات الخاطئة.
- الغريب في أمر القرار الوزاري الخاطئ الذي نحن بصدده الآن، أنه لا يتسق البتة مع شخص الوزير الذي اتخذه، أو الذي دمغه كتأشيرة صريحة، ستصبح قاعدة أو ناموسا لقرارات خاطئة تالية ستُبنى عليه، سواء من الوزير نفسه، أو وزير لاحق له، "بعد الاطلاع"، ليتسع الثقب في جدار حماية صناعة وطنية، حتى ينهار تماما.
- القرار الذي نقصده هنا، هو المعني بالموافقة على طلب استيراد "صدور دواجن" بدون جلد، بغرض تصنيعها وإعادة تصديرها.
- ولأن هذا القرار لا يتفق مع قناعة الوزير السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الحالي، فقد بعث على الحيرة لدى جميع المعنيين بصناعة الدواجن، وحتى الاقتصاديين الذين حسبوها بالأرقام، فوجدوا المعادلة سخيفة وغير مقنعة، كون الوزير رجلا مصرفيا من العيار الثقيل.
- في مصر فائض من صدور الدواجن المحلية ما يكفي لتغذية دولة من، أو دول الخليج مجتمعة، فما الدافع الملح لدى الشركة صاحبة شحنة الألفي طن صدور، للإقدام على بخس صناعة محلية قفزت استثماراتها إلى 100 مليار جنيه، واتسعت دوائرها لاستيعاب 5 ملايين عامل مصري؟
- أرباح الألفي طن "الأولى" التي تمثل الثقب الأول في جدار حماية الصناعة الوطنية، لا تحقق ربحية صافية تزيد على 10 ملايين جنيه، إذا وضعنا في الاعتبار أقصى ربحية صافية للكيلو 5 جنيهات.
- ربنا لا تعلم الشركة صاحبة الصفقة، أن فتح باب استيراد المجزءات من البرازيل إلى مصر، ليس سوى مكيدة يُقصَد بها تحريك الملحق التجاري الأمريكي لطلب تصدير المجزءات الأمريكية إلى مصر، أسوة بالبرازيل، وبالتالي وضع القيادة السياسية المصرية في خانة الحرج، بعد رفض هذا الإجراء منذ أكثر من 30 عاما مضت (رحم الله الدكتور ممدوح شرف الدين).
- لكن الشركة المصرية صاحبة الصفقة، تعلم جيدا أن انهيار جدار حماية صناعة الدواجن في مصر، سيتسبب في تسريح نصف العمالة التي تعيش عليها، كمرحلة أولى، وهذا النصف سيكلف الدولة "بدل بطالة" يُقدر بنحو 1.25 مليار جنيه شهريا، وسيحول هؤلاء تدريجيا إلى عاطلين، ليسهل استدراجهم إلى كل ما لا يحسُن وصفه، والنتيجة التأثير السلبي المباشر على "السِلْم الاجتماعي" للدولة.
- هذه المعطيات، هي الدليل الدامغ على أن هذا القرار المعيب، يخالف توجيهات رئيس الجمهورية، وضد قرار رئيس مجلس الوزراء، وضد كل الجهود الرسمية المبذولة للنهوض بصناعة وطنية، تُنتِج أكثر أنواع البروتين فائدة، وأقلها تكلفة مالية، وأنسبها مع فقرنا المائي، كون بروتين الدواجن الأقل استهلاكا للمياه، والأكثر استيعابا للعمالة، والامن صحيا على الأطفال والمسنين، وكما هو معلوم عالميا، فإن أطفال مصر مصابون بمرض التقزم، وذلك لسبب وحيد مثبت هو "نقص البروتين".
- والسؤال هنا: ألا تخشون ساعة يعلم فيها رئيس الجمهورية بأن هناك من فعلها بكل جرأة، فيتسبب في هدم جدار حماية صناعة وطنية مجتمعية، تمثل أهم ركيزة من ركائز الأمن القومي؟