د سعيد عبد الله يكتب كيف دمر مسئول الزراعة موسم القطن بإضافة المولاس على المبيدات
إحدي كبريات الشركات العالمية المنتجة للمبيدات وهي شركة ألمانية بدأت مبكرًا وعلي استحياء في ادخال مركب بيولوجي، مسحوق يحتوي على بكتيريا الـ B.T، والمجهز في صورة كبسولات دقيقة تحتوي داخلها البكتيريا في صورة غير نشطة، وعند وضع المركب في تنك الرش يتحلل غلاف الكبسولة وتنطلق الجراثيم من داخلها وتنشط في محلول الرش وعندما تتغذى يرقات الآفات علي أوراق مرشوشه بالمبيد الـBT فإنها تفرز إنزيمات تقوم بإصابة جدران معدة اليرقه بتتهتك ويتوقف عمل معدة اليرقه وتموت، وهذه ببساطة طريقة عمل مركب الشركة الالمانية التي تحدد تركيز الـBT و كذلك عدد الوحدات البكتيرية بالمليون وحدة.
الشركة تعلم جيدا ان ثقافة المكافحة لدي المزارع المصري لا تتماشي مع آداء هذه المركبات ولم تكن تورّد للسوق المصري إلا كميات تكفي مساحات لا تتعدى عدة الاف من الافدنة، و علي الجانب الآخر كان بعض التجار يقبلون بها مجاملة للمورد وطمعاً في حصص اكبر من المنتجات الاخري للشركة والتي يقبل عليها الفلاح، وفجأة ومع قرارات منع المركبات المصنفة B&C بدأت الافتكاسات بتسجيل مركب يحتوي علي الـ BT المستخلصة من البيئة المصرية وبمعدل لتر لكل فدان لمكافحة يرقات دودة ورق القطن علي القطن وببراءة إختراع لأحد معاهد مركز البحوث الزراعية والمنوط به بحوث الهندسة الوراثية الزراعية ويصدف إن ادارة هذا المعهد كانت تتولي مسؤولية لجنة التوصيات بالمبيدات والمختصة بادراج توصيات المركبات في الوثائق الرسمية لوزارة الزراعة، وتم عمل مناقصة لتوريد كميه من المركب تكفي لعلاج مليون فدان في أول الموسم لحساب البورصة الزراعية المصرية وبما ان القانون يتطلب شهادة تحليل للمركب لمعرفة تركيز المادة الفعالة في المستحضر كانت ( التلكيكه ) مره تانية من مدير المعمل المركزي لرفضه التحليل وكانت تأشيراته علي الطلب (المركبات البيولوجية يتطلب تحليلها عمل خريطة بروتينية للأنزيمات الفعالة وهذه الطريقة متوفرة فقط في معامل المصل واللقاح بوزارة الصحة «يرجي التوجيه ولعدم الاختصاص».
ولم تصدر شهادات تحليل وقتها لكن المركب تم رشه في كامل المساحة ولاحظ المتابعين للموقف ان مديريات الزراعة كانت تقوم برش مبيدات تقليدية لمكافحة دودة ورق القطن في نفس يوم رش الـBT و كان طبيعي أن نتائج الـ Mortality لليرقات جيدة و لكنها كانت تُنسب لاداء للـ BT كذبًا و معها بدأ إبتزاز علمي رخيص مبني علي "اشمعنى" فتقدمت معاهد أخري بمستخلصات فيروسية او فطرية ولم يكن هناك خيار في قبولها بالمثل.
أحد الجهات المصنّعه في احد المدن الجديدة بالطريق الصحراوي نزلت هي الاخري بثقلها و ورّدتْ كميات لبعض مديريات الزراعة في الدلتا، و وصلت الجرأة بالأخذ بتوصية رش نباتات القطن ( بالمياه و الصابون) للقضاء على آفات بادرات القطن وفي نفس العام حضرت الي مصر زميله من شركة شل التي اعمل بها وتتولي الـR&D وهي الدكتورة آنيت ماير وهي شابة لطيفة وحضرت للترويج لأحدث مركباتنا وهو من مجموعة الفاسيبرمثرين و كان يستعمل بمعدل ١٠٠سم/ للفدان، في مقابلتها مع رئيس قطاع الخدمات والمسؤول عن المكافحة و عرف إنها اصلا من ( روديسيا ) و التي اصبحت فيما بعد زيمبابوي ???????? و سألها عن معلومة وردت له إنهم في دول أفريقية يستخدمون نصف الجرعة لمكافحة آفات القطن وبمنتهى حُسن النيه أوضحت آنيت إن مزارعي زيمبابوي يضيفون علي تنك الرش بعض المولاس الناتج من القصب، مما يجعل الوسط ( حامضي) في التنك وهذا الوسط الحامضي ينشّط نصف الجرعه و تعطي نتايج جيدة. واضافت إن هذا فقط في رش «البروثرويدز».
فجأة وجه رئيس القطاع ظهر عليه ارتياح شديد وبعد الظهر اجتمع بلجنة التوصيات ولإصدار تعميم بإستخدام نصف الجرعة (لكل المركبات)، وبدون تجريب اوصى عليّ ان يضاف لتر «خل مائدة» في خزان الرش مع المبيد وحدث التعميم وكان يؤكد دي معلومات مؤكدة من مصادر سرية في أحد الشركات العالمية، الا ان هذا كان أسوء موسم للقطن وبلغ متوسط الإنتاجية في القطن الزهر ٢,٥ قنطار/ فدان، والمتوسطات السابقة تعدت٨قنطار للفدان.
وفي جلسة مجلس الشعب وقتها وقف الدكتور عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء معللًا انخفاض الإنتاجية بظهور «المن» بصورة وبائية دمرت المحصول، وطبعا كان هناك خط موازي لتوفير المبيدات التقليدية بطرق غير تقليدية من غش و تهريب وتسيس للأمور الفنية وانعكاساتها أدت لارتجاع بعض الصادرات من الخضراوات والفواكه نتيجة و جود شوائب ضاره أو حتي متبقيات لمبيدات أُلغيت من برامج المكافحة من سنوات، وكانت هذه الممارسات الزراعية السيئة، ثم بكل أسف بدأت تطغى علي مفهوم
الممارسات الزراعية الجيدة.
والتاريخ يذكر أن بيع مخزون بنك التنمية والائتمان الزراعي في نهاية الثمانينات تطبيقاً لسياسة الخصخصة بسعر دفتري مخفّض، ومنح تسهيلات غريبة للتخلص من المخزون خلقت في مصر نمط غريب في توفير والاتجار في هذه السلعة الإستراتيجية ونأمل ان يتحسّن لصالح الفلاح و المستهلك و البيئة و مصر.