الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 01:52 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الفلس المالي في مراكز البحوث أحد أهم الأسباب

كارثة تضرب محاصيل فواكه مصر بسبب ”الخبل المناخي”

محمود البرغوثي في رحلة رصدية لحصر مشاكل أزهار الزيتون
محمود البرغوثي في رحلة رصدية لحصر مشاكل أزهار الزيتون

- تدمير الإنتاجية المحصولية للزيتون والمانجو والموالح والنخيل والرمان للموسم الثالث
- خسائر المزارعين تسبب في نقص إمداد الأراضي باحتياجاتها الغذائية خلال شهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر (شهور التخزين)
- تآكل ميزانيات التحسين الوراثي للأصناف الفاكهية المتاحة .. وعدم تربية واستنباط أصناف وهُجُن جديدة
- انهيار مؤشر الإنتاجية المحصولية يهوي بالصادرات ويهدد بإغلاق مصانع مرتبطة

أظهرت المعاينات الميدانية لمزارع فواكه مصر، خاصة: الزيتون، والمانجو، والنخيل، والموالح، والرمان، نتائج مخيبة للآمال في جني محصول يحقن الخسائر للعام الثالث على التوالي، وذلك بسبب "الخبل المناخي"، وهو مصطلح سجلته مؤسسة "الأرض"، لوصف حالة المناخ خلال ثلاثة مواسم زراعية متتالية.

مسح ميداني لزراعات الزيتون في مصر

وكانت زيارات ميدانية، واستطلاعات هاتفية، لاستشاري "الأرض"، قد رصدت زراعات زيتون متعددة، من حيث: الأصناف، المساحات، الأعمار، والمواقع الجغرافية المختلفة داخل مصر، والأخيرة شملت: الصحراء الغربية شمالا في منطقة وادي النطرون وطريق (مصر - الإسكندرية الصحراوي)، وشمال الصعيد في الفيوم والمنيا، ثم في الصحراء الشرقية (السويس والإسماعيلية)، ثم في سيوة وشبه جزيرة سيناء، وأسفرت نتائج المسح الميداني الرصدي عن الحقائق التالية:
- فشل العقد في أزهار الزيتون، والمانجو، والموالح، والنخيل، والرمان.

أسباب فشل العقد في أزهار الزيتون والمانجو

ويرى استشاري "الأرض"، أن هناك عدة أسباب مرتبطة وراء هذه الكارثة، منها:
- خسائر المزارعين، خاصة مزارعي الزيتون موسمين سابقين، أعاق إمداد الأراضي بالأسمدة الكيماوية والعضوية خلال شهور: أكتوبر، ونوفمبر، وديسمبر، مما أثر على مخزون الكربوهيدرات في الأشجار.
- طول فترة البرد هذا الشتاء عن الحد المثالي لجميع أصناف الزيتون المنزرعة في مصر، تسبب في دفع زهري غزير، ثبت أن نسبة كبيرة منه عبارة عن أزهار مذكرة، وهو سبب مرتبط بالسبب السابق (خلل في نسبة النيتروجين إلى الكربون).
- تباين دراجات الحرارة بين ساعات النهار الواحد، ثم بين الليل والنهار، حتى بلغت الفروق في معظم الأيام بين الليل والنهار نحو 20 درجة مئوية.
- هذه التغيرات المناخية التي بلغت درجة "الخبال"، تسببت في إحداث ربكة خلوية للنبات، ما يُعرَف علميا باسم "الخلل الفيسيولوجي".
- "الخلل الفيسيولوجي" تسبب في إعاقة النباتات عن امتصاص العناصر الغذائية المضافة أرضيا، أو ورقيا، وبالتالي عدم وجود عناصر تكفي "الميتابوليزم" الطبيعي - أي التمثيل الغذائي الضامن لعمل الميكانيزم الطبيعي لإفراز الهرمونات الطبيعية (سيتوكينينات وأوكسينات وجبرلين) الخاصة بتخليق البراعم (زهرية وحصرية) والمسؤولة عن نمو أعضائها وانقسام خلاياها واستطالتها بالمعدلات القياسية، ثم انتقال الأزهار خلال سبعة مراحل تبدأ بالتكشف، وتنتهي بالعقد، بفاصل 3 أيام بين المرحلة الجديدة والسابقة لها (وهو الوضع المثالي).
- طول عمر المرحلة التي تسبق التفتيح الكامل full bloom، مع عدم توافر الدفء اللازم للتفتح، تسبب في ضمور الأعضاء الداخلية للأزهار، خاصة الأعضاء التناسلية.
- مع ارتفاع الحرارة بعض الأيام، حدث تفتيح غزير لأزهار الأصناف المبكرة، مثل: المانزانيلو، الزيوت، والبلديات.
- جاء الأحد الكئيب 9 أبريل بحرارته القاسية الجافة (فوق 42 درجة)، فضرب 60٪ من الأزهار غير المتفتحة، وأحرق "المُتُك" في الأزهار المتفتحة، حتى اختفت تماما حبوب اللقاح، التي تدل عليها البودرة الصفراء.
- دخل البيكوال دائرة التفتيح، وكانت النتيجة عدم وجود حبوب لقاح أيضا للسبب السابق ذكره، والخاص بضمور الأعضاء التناسلية نتيجة طول عمر مرحلة ما قبل التفتح.
- نجح العقد في بعض الأصناف بنسبة تتراوح بين 15 و30٪، نتيجة ثبات صفاتها الوراثية أمام هذه التحديات القاسية، ومنها: الكوراتينا، والدولسي.

">

أسباب نجاح العقد في بعض مزارع الزيتون

ورصد استشاري "الأرض" نجاح العقد بنسبة مثالية في كل الأصناف لدى بعض المزارع، وللأسباب التالية:
- جودة التربة ومياه الري من حيث الصفات الفيزيائية والكيميائية (نوعية، وعناصر، وملوحة وجودة صرف).
- تراكم الخبرات ونجاح بعض التجارب الشخصية في فرملة البرودة اعتبارا من أول يناير، ببدء برنامج الري الغزير ليلا، وباستخدام مركبات الطاقة، وأهمها: الكبريت الميكروني، والفوسفور، ما ساهم في الدفع الزهري مبكرا، ومعه المضي قدما في انتقال الأزهار بمراحلها المختلفة في فترة ليست طويلة، وإن كانت قد تجاوزت الفترة العلمية (21 يوما للمراحل السبعة)، وبالتالي تمتعت الأزهار بكامل نضجها البيولوجي، ثم تمتع حبوب اللقاح والبويضات بحيويتها، في ظل توافر العناصر الصغرى، والبوتاسيوم، والفوسفور، والبورون، والكالسيوم، والماغنيسيوم، والملوبينديوم.

الأسباب العلمية والسياسية وراء الكارثة

- اختفاء وتحلل ميزانيات البحث العلمي في كل معاقله، ومنها: أكاديمية البحث العلمي، مركز البحوث الزراعية، وكليات الزراعة والعلوم.
- انعدام الميزانيات وتغول وزارة المالية على صناديق الوحدات ذات الطابع الخاص في المراكز البحثية، وجفاف منابع المشاريع الأجنبية، تسبب في وقف عجلة البحوث الخاصة بالتحسين الوراثي للأصناف النباتية التي تُزرَع في مصر منذ عشرات السنين، وعدم تربية أصناف، أو إنتاج هُجُن جديدة، تناسب التغيرات التي طرأت على مناخ منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط عامة.

حلول أزمة الزراعة في مصر

يرى استشاري "الأرض"، ضرورة عدم تواكل قطاع الزراعة في مصر على الميزانيات الحكومية، وذلك بتنفيذ عدة حلول عملية وبآليات تنفيذ حقيقية، منها: - التوجه العاجل والجاد نحو إنشاء جمعيات نوعية للمحاصيل، يكون في لائحة تأسيسها إنشاء صناديق من تبرعات الأعضاء واشتراكاتهم، لإنفاقها على أوجه البحث العلمي في المراكز البحثية المذكورة سابقا، وذلك وفق بروتوكلات رسمية يحميها القانون.
- ضرورة أن تتضمن لائحة تأسيس هذه الجمعيات وصناديقها، فرض رسوم مالية على أنشطة أعضائها، سواء تصدير الحاصلات، أو استيراد مدخلات الإنتاج، ومستلزماته.
- حماية أموال هذه الصناديق من تغول وزارة المالية، استنادا للقانون الذي يحظر فرض رسوم ضريبية على عائدات الصناديق أو الحسابات التي يتم تمويلها من تبرعات أعضائها، أو الرسوم التي تُفرَض على أنشطة أعضائها، مثل تصدير الحاصلات، أو استيراد مدخلات إنتاج.
- مخاطبة وزارة الزراعة بالتفاعل مع المتغيرات الطارئة في تحديات الزراعة وإنتاج الغذاء، وذلك لوضع حلول جذرية وعملية لأزمة الأسمدة، في دولة تحتل المرتبة الخامسة عالميا في إنتاج الأسمدة الآزوتية، وتمتلك مناجم هائلة لصخر الفوسفات، ومع ذلك تتجاوز أسعار الأسمدة الجدوى الاقتصادية من الزراعة.
- مخاطبة لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي في برلمان مصر، ومجلس شيوخها، بضرورة تبني أزمة إنتاج الغذاء في مصر، والتأثيرات السلبية على الاقتصاد المصري، نتيجة انهيار الإنتاجية في محاصيل الفاكهة المذكورة سابقا، وبالتالي انهيار مؤشرات الصادرات منها، وتهديد الصناعات القائمة عليها، مثل: مصانع تخليل الزيتون وعصره، مصانع مركزات عصير الموالح والمانجو والرمان، ومراكز ومصانع تجفيف التمور.

معاملات مقترحة لأشجار الزيتون للمواسم المقبلة المشابهة

ويقترح استشاري "الأرض" التدخل في الظروف المشابهة في المواسم المقبلة، بعدة معاملات، أهمها:
- التغذية الجيدة في شهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر بأسلوب يضمن زيادة الكربون على النيتروجين، وذلك بتسميد سلفات النشادر، وسلفات البوتاسيوم، والفوسفور، مع إضافة الأسمدة العضوية للتربة.
- الاهتمام بالتقليم الجيد حسب الأسلوب العلمي، أي إزالة الأفرع والأغصان الجافة، والأفرخ المائية من قلب الشجرة، مع عدم تعرية الجذوع الرئيسية.
- بدء برنامج الري الليلي الغزير مبكرا اعتبارا من أول يناير (في الأراضي الرملية جيدة الصرف).
- رش كبريت ميكروني + مونو بوتاسيوم فوسفات، 3 مرات متتالية بفارق أسبوع، اعتبارا من منتصف يناير، مع إبدال المونًو بوتاسيوم فوسفات بمركب "بوتاسيوم فوسفايت" مع الكبريت في الرشة الثالثة.
- الاهتمام برش محلول الكالسيوم بورون والملوبيدنيوم منتصف فبراير، وأول مارس.
- مع بدء الحث الزهري مباشرة والتمايز بنسبة تزيد على 60٪. التدخل برشة منظم نمو صريح "سيتوكينين + أوكسين"، مع بوتاسيوم فوسفايت وطحالب بحرية، (رشة باهظة الكلفة)، لكنها حاسمة.
- هذه المقترحات، ترتبط بتوافر القدرة المالية، وهو ما يؤكد المقولة الشائعة لبعض المزارعين: "الزراعة للأثرياء".