الأرض
الخميس 3 يوليو 2025 مـ 04:01 صـ 7 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

استصلاح الأراضي يقود مصر نحو أمن غذائي

في خطوة تاريخية تسابق فيها الزمن، تواصل الدولة المصرية تنفيذ واحدة من أضخم خطط التوسع الزراعي في تاريخها الحديث، عبر استصلاح نحو 4 ملايين فدان بحلول عام 2030، ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية وتقليص فاتورة الاستيراد، مع تعزيز الصادرات الزراعية في الأسواق العالمية.

مشروعات عملاقة تغير وجه الريف المصري

شهدت السنوات القليلة الماضية إطلاق حزمة من المشروعات الزراعية القومية غير المسبوقة، من أبرزها: مشروع المليون ونصف المليون فدان، مشروع الدلتا الجديدة، توشكى الخير، والتجمعات التنموية المتكاملة في سيناء، فضلاً عن جهود مكثفة لاستصلاح أراضٍ شاسعة في محافظات الصعيد، ما أسهم في تغيير الخريطة الزراعية لمصر وخلق مجتمعات تنموية جديدة.

رؤية طموحة وأهداف واضحة

وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، الدكتور علاء فاروق، أكد أن الدولة تعمل بوتيرة متسارعة لتوسيع الرقعة الزراعية الأفقيّة، من خلال خطة محكمة تهدف إلى استصلاح ملايين الأفدنة الجديدة، ما يحقق أقصى درجات الاكتفاء الذاتي من الحبوب والمحاصيل الأساسية.

وأشار الوزير إلى أن الدولة لا تكتفي بالزراعة فقط، بل تتجه نحو تنمية زراعية متكاملة تشمل تطوير نظم الري الحقلي، وإنشاء أكبر محطات للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي لاستخدامها في الري، إلى جانب إطلاق مشروعات قومية لتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.

الزراعة الذكية... كلمة السر في المستقبل

في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية العالمية، أكّد الوزير أن الابتكار وريادة الأعمال أصبحا ضروريين لتحقيق تنمية زراعية مستدامة، خاصة مع التغيرات المناخية الحادة، والزيادة السكانية المتسارعة، واضطرابات سلاسل التوريد العالمية.

وأضاف أن الحلول الذكية تكمن في تطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة، وتطبيق نظم الزراعة الذكية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، واستخدام الطاقة المتجددة في العمليات الزراعية، بالإضافة إلى تطوير نظم الري الحديثة وتقنيات الزراعة العضوية.

دعم رئاسي ونهضة زراعية تاريخية

لم يكن هذا الزخم التنموي ليحدث دون الدعم غير المسبوق من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يولي الزراعة أولوية كبرى باعتبارها حجر الزاوية في تحقيق الأمن القومي الغذائي.

وقد أشار الوزير إلى أن مشروع "الدلتا الجديدة" الذي ينفذه جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة يُعد نموذجًا بارزًا على هذه الرؤية، حيث يمثل مجتمعًا زراعيًا متكاملًا يعتمد على أحدث التقنيات ويُسهم في خلق فرص عمل وتحقيق التنمية المتوازنة.

تحديات جسيمة... وفرص واعدة

وفي ظل الأزمات العالمية، لا تغفل الدولة عن التحديات المعقدة التي تواجه قطاع الزراعة، وعلى رأسها: التغيرات المناخية، تآكل التربة، ندرة المياه، ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع خصوبة الأراضي. إلى جانب الأزمات الاقتصادية والحروب والنزاعات التي تؤثر على أمن الغذاء العالمي.

ورغم صعوبة هذه التحديات، تؤمن الحكومة المصرية بأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب دعم البحث العلمي ومراكز الابتكار الزراعي، هي المفتاح لتحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية للنمو والازدهار.

مستقبل واعد في الأفق

وبينما تمضي مصر بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافها الزراعية بحلول عام 2030، تبدو مؤشرات النجاح واضحة على الأرض: أراضٍ خضراء تنتشر في قلب الصحراء، اكتفاء غذائي يتعاظم، وأسواق تصدير جديدة تُفتح أمام المنتجات المصرية.

إنها نهضة زراعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تبنيها الدولة ليس فقط بالخطط والأرقام، بل بالإرادة السياسية، والجهد المتواصل، والرؤية الاستراتيجية التي تؤمن بأن الغذاء ليس رفاهية... بل أمن قومي.