”حيص بيص” مُصدّرو الزراعة
حينما أوصى الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعمل على رفع حجم الصادرات المصرية وقيمتها إلى سقف 100 مليار دولار، لم يهمل في توصيته مصدري الحاصلات الزراعية، الذين هم القاطرة الرئيسية لاقتصاديات الفلاح المصري، ومعه سريان دورة الحياة في شرايين الدولة والأسرة والمجتمع.
وحينما يتخبط المصدرون بين حوائط متراصة، وسدود رملية عاتية، فمن المؤكد، أنهم سيسقطون واحدا تلو الآخر، كما ستسقط من أيديهم أمانة التكليف بضرورة المساهمة في رِفعة الفلاح، وبالتالي إنعاش الاقتصاد المصري، وحفظ السِلم المجتمعي، من خلال تضييق فجوة البطالة، وإعادة العمالة الفنية إلى السقالة والمصنع، بدلا من سياقة التوكتوك وتفريخ الإجرام.
ولتجسيد مشاكل مصدّري الحاصلات الزراعية ـ خضر وفاكهة، سأصبها في عدة نقاط واضحة:
- مطلوب من مصدري البصل والثوم الوصول بحجم أعمالهم إلى سقف المليون طن، بدلا من الترنح بين 350 و400 ألف طن فقط للبصل، و20 ألف طن فقط للثوم، لا تساوي نصف الفائض من إنتاج مزارعينا سنويا، ومعه خسارة 20 ألف جنيه لكل فدان بصل، و15 ألف جنيه لكل فدان ثوم، حتى تأكد إحجام المزارعين ـ كبار وصغار عن زراعة المحصولين المهمين في الموسم المقبل، لأنهم لم يعودوا يملكون إيجار الأرض، كما سقط تصنيفهم الائتماني أمام تجار الأسمدة والمبيدات ومستلزمات الزراعة.
- مطلوب من مصدري البصل والثوم، تكويد مفارشهم ومحطات تعبئة وتجهيز المحصولين للتصدير، ومن الاشتراطات التي يضعها الحجر الزراعي المصري، وهي شروط شرعية وحضارية: إقامة مظلة غير خرسانية، وحمام صحي، وحوض غسيل، وهو مالم تسمح به لوائح "حماية الأراضي"، إلى أن يصدر قرار وزاري بتقنين هذا الوضع، حتى يمكن إنقاذ نصف إنتاج المحصولين من الإعدام.
- مطلوب من المصدرين أن يوفروا الفواكه والخضر بمواصفات تصديرية فائقة الجودة، وبسعر منافس للحاصلات المثيلة في الدول المنافسة في نفس الأسواق، دون أن تصل وزارة النقل إلى حلول جذرية في مشاكل احتكار شركات الشحن الوسيطة، وشركات توفير مستلزمات التجهيز والتعبئة، وحل هذه المشكلة يتجسد في تدشين خطوط وطنية للشحن البحري والجوي، تساهم فيها الدولة، مع القطاع الخاص بشركات مساهمة.
- مطلوب من المصدرين رفع مؤشر أعمالهم لتحقيق رؤية الدولة في توفير العملة الصعبة لخزينة الدولة، رغم سياسة "لي الذراع"، فيما يخص التباطؤ في صرف الدعم المتأخر عن ثلاثة أعوام مضت، وإجبارهم على التنازل عن نحو 43٪ من هذه المستحقات ضمن ما وصفته وزارة الصناعة والتجارة بأنها "مقاصة" لحساب ضرائب مدفوعة، وجمارك تم تحصيلها، ومديونيات مُفتَرضة، والنتيجة إذعان لشروط الحصول على الفتات الفائضة من صندوق دعم الصادرات، الذي لم يعد يقدم خدماته مجانا للمصدرين، حتى تصوير الملفات.
ولكي لا نحدد المشكلة، دون اقتراح حلول جيدة بآليات تنفيذ واقعية، وجب تسجيل الآتي:
- على الجهات المسؤولة في الدولة، والمنوط بها تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية، متابعة آليات إزاحة الحواجز التي تعترض التصدير، وأهمها: مشاكل الشحن، وإعفاء مدخلات تجهيزات الصادرات من أي رسوم جمركية، لخفض تكاليف المنتجات النهائية، وبالتالي تحقيق فرصة التنافسية خارجيا.
- على وزارة الزراعة سرعة البت في تعديلات قانون حماية الأراضي، بتقنين وضع محطات ومفارش تجهيز الحاصلات الزراعية، خاصة: البصل والثوم لتنمية صادراتهما، بما يشجع على زراعتهما في مصر بربحية مجزية، مع تشديد عقوبة من يستغل هذا التقنين في إقامة مبان ثابتة، يتضح أن الهدف منها التبوير والبناء على أرض زراعية.
- على المجلس التصديري للحاصلات البستانية، تأسيس كيان مرتبط لخدمة المصدرين، يتضمن: جهاز مشتريات مستلزمات التصدير، جهاز حجز خطوط الشحن مباشرة دون وسيط، شؤون قانونية لمتابعة أموال المصدرين في الخارج، بالتعاون مع الملحقيات التجارية المصرية في البلدان التي تصلها صادراتنا الزراعية، وهنا يمكن للمصدرين أن يجتهدوا في فتح أسواق جديدة، وبناء عملاء جدد، وإعادة الثقة في "بزينس" التصدير، الذي أصبح يأخذ من الرصيد، حتى كاد المصدرون أن يتوبوا عن هذا العمل، وليتهم يصلحون خارج هذه الدائرة.
...........................
* رئيس التحرير